هل اقترب عصر الذكاء الاصطناعي الواعي؟

30 يونيو 2024 استغرق الذكاء الاصطناعي التوليدي كتقنية "chatgpt" شهرين فقط كي يصل إلى 100 مليون مستخدم، وهو رقم قياسي بالمقارنة مع الزمن الذي استغرقته التقنيات الأخرى للوصول إلى العدد نفسه من المستخدمين، فتيك توك استغرق 9 أشهر، وواتساب 40 شهرا، ويوتيوب 49 شهرا، وفيسبوك 54 شهرا، والإنترنت 80 شهرا، والهاتف المحمول 190 شهرا، والسيارة 400 شهر، والهاتف السلكي 900 شهر.

يتفق العديد من كبار رجال الأعمال على أن الذكاء الاصطناعي سيغير معالم الحياة خلال بضع سنوات فقط. ففي 21 مارس/آذار 2023 كتب بيل غيتس في مدونته تحت عنوان "لقد بدأ عصر الذكاء الاصطناعي" ما يلي:

"الذكاء الاصطناعي تطور أساسي مثله مثل المعالجات الدقيقة، والحاسوب الشخصي، والإنترنت، والهاتف المحمول وسوف يغير الطريقة التي يعمل بها الإنسان، ويتعلم، ويسافر، ويحصل على الرعاية الصحية، ويتواصل مع الآخرين".

وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 التقى إيلون ماسك مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ودار حديث بينهما عن مستقبل الذكاء الاصطناعي، قال عنه ماسك إنه "القوة التغييرية الأعمق في تاريخ البشرية"، وأضاف "ستأتي اللحظة التي لا يعود فيها الإنسان بحاجة إلى وظيفة. طبعا يمكنه الحصول على وظيفة إرضاء لذاته، ولكن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على القيام بكل شيء".

وعلى الرغم من اتفاق معظم رجال الأعمال والتقنيين على أهمية الدور الذي بدأ يلعبه الذكاء الاصطناعي في حياتنا، فإن الآراء تختلف بشكل كبير حول مدى اقترابه من الذكاء الاصطناعي العام والواعي.

"الواعي" و"المستيقظ"
يتداول حاليا في الأوساط العلمية وأوساط مدراء الشركات والمفكرين مصطلحان هما "الذكاء الاصطناعي الواعي" (Sentient AI) و"الذكاء الاصطناعي المستيقظ" (Woke AI). وفيما يشير المصطلحان إلى مفاهيم مختلفة في سياق الذكاء الاصطناعي، فإن كلاهما يتعلق بميزات متقدمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي الواعي: يشير إلى الذكاء الاصطناعي الذي يملك مستوى من الوعي الذاتي والوعي بالعالم الخارجي، بما في ذلك الشعور بالألم، والمتعة، والمشاعر الأخرى. يثير الذكاء الاصطناعي الواعي أسئلة عن حقوق الروبوت ومسؤولياته والمعاملات الأخلاقية المرتبطة بذلك. والجدير بالذكر أن التقنيات الراهنة لم تتمكن بعد من إنتاج الذكاء الاصطناعي الواعي، لكن يتوقع بعض العلماء المتفائلين أن نصل إليه خلال بضع سنوات.

الذكاء الاصطناعي المستيقظ: لا يملك تعريفا صارما، ولكنه يشير عموما إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يتم تصميمها بحيث تعالج القضايا الأخلاقية والاجتماعية والثقافية، فتتجنب التحيزات العرقية والجنسية والاقتصادية، وتحترم التنوع.

وفي شهر أبريل/نيسان 2023، أجرى موقع فيوتشريزم الإعلامي (Futurism) مقابلة مع المهندس بليك ليموين الذي سبق أن طردته غوغل، لأنه قال إن الذكاء الاصطناعي الذي تطوره الشركة يمتلك وعيا. وفي هذه المقابلة كرر بليك القول إنه "يوجد احتمال أن يمتلك الذكاء الاصطناعي مشاعر وقد يمكنه أن يعاني ويفرح، ويجب على البشر على الأقل أن يضعوا ذلك في الاعتبار عند التفاعل معه".

وفي 13 مايو/أيار 2024، أطلقت شركة "أوبن إيه آي" (Open AI) إصدارة جديدة من جي بي تي باسم "جي بي تي-4 أو" (GPT-4o)، حيث يمثل الحرف "o" اختصارا لكلمة "Omni" التي تعني كل أو كلي. وقالت الشركة عن هذه الإصدارة إنها أول تقنية تفهم عواطف البشر وترد بشكل عاطفي أيضا، من خلال تحليل سياق الكلمات ونبرات الصوت وملامح الوجه، مما يشير إلى بداية التركيز على تطوير الذكاء العاطفي الاصطناعي.

ليس الجميع يتفق على الذكاء
لا يتفق الجميع على أن الذكاء الاصطناعي سيصل قريبا إلى مستوى ذكاء الإنسان ويمتلك الوعي، بل حذر أستاذ الاقتصاد والحائز على جائزة نوبل بول رومر، من المبالغات الجارية حاليا بشأن تطور الذكاء الاصطناعي، فقال في مؤتمر "يو بي إس" (UBS) الآسيوي للاستثمار الذي عقد في هونغ كونغ أواخر شهر مايو/أيار الماضي "الثقة الجامحة السائدة حاليا بشأن المسار المستقبلي للذكاء الاصطناعي عالية جدا، وقد لا تتناسب مع التطورات المستقبلية الفعلية، وقد تؤدي إلى خطأ فادح للغاية".