سنة الأزمات الكبرى وتهميش دور مراكز الدراسات 2020

25 أكتوبر 2020

تتصاعد الأزمات والتعديات في العالم ، حتى لتعجز مراكز الدراسات والمتخصصين في متابعة الأحداث عن اللحاق بالمتغيرات وفهمها وتحليلها واستخلاص ما ينبغي ليكون في الساعات التالية أمام صناع القرار،فقد بات أغلب الفاعلين منهم في معظم بقاع العالم في غير حاجة لـ ” فذلكات “وتحليلات وبدائل أولئك الذين كانوا “في العصور القريبة السحيقة ” !؟: يحركون من  خلف ستارات إفتراضية ؛ الأحداث ويصنعون التاريخ .
أقول أن من كانت تقدَّم لهم خلاصات الأحداث والبدائل ، باتوا هم صناع الأحداث والصراعات والمشكلات ، وهم أكثر الناس فهماً للحقائق المطلية بالزيف والتضليل ، الغائبة عن العامة  بل وعن الخاصة ، وأضحت مهمة مراكز الدراسات والمتفيهقين ؛: شيطنة من  تشن عليهم الحروب والعدوانات ؛ ومن تصدر إليهم الثورات الليلكية والإرهاب لإرهاقهم وسرق ثرواتهم أو تدميرها ،وتحويل مسارات مصالحهم إلى غير صالحهم وأغراقهم بالإستدانة من  مؤسسات راس المال العالمية ، وإشغالهم بالفتن و والحروب والانقسامات .
نعم تحولت مهمة مراكز الدراسات الغربية والأمريكية والصهيونية والسائرين في الركاب ، من مهمة فهم الحدث ومحاولة معالجته ووضع البدائل، إلى مهمة تلطيف وتبرير مساويء الحدث  وتسويقه ، وشيطنة من يفكر بمواجهة صناع القرار الدولي الفاسدين ، وما بثوا وأنتجوا وخلّقوا من أزمات مصنّعة بأشد ما تكون عليه الجرائم ضد الإنسانية إتقانا وقبولاً  ظاهراً شعبياً  .

وحيث أن الأزمات  مفتعلة ؛ فإنه يتم مناقشتها  سلفاً ، بحيث يُحبط  ويُحاط بأي جهد أو خطة أو عمل أو ثورة قد تنشب لمواجهتها وصناعها ، وبحيث تُتقبل شعبياً ، وهو ما بات الدور المعيب  لمراكز الدراسات والمتاح لها أن تمارسه ، باعتبارها (المحلّل المحتال) لتجاوز الأزمات؛ أو المشكلات ضد الشعوب ولصالح  صناع المشكلات والأزمات.
هنا أستذكر حلقات المفكر العروبي الإستراتيجي طلال أبو غزالة على فضائية RT   الروسية ، حيث نوّه غير مرة بأن هذه السنة 2020 ؛ هي سنة الأزمات الدولية الكبرى ، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أحد أكبر مصنّعيها ؛ باعتبارأن فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة، غير مؤكد ، وهو وفريقه مستعد لإرتكاب أي شيء للفوز بالإنتخابات ، وعند الضرورة تعطيلها بإعلان الحرب على الصين أو رفض نتائجها وقد أعلن ذلك صراحة.. بأنه لن يقبل نتائجها في حال كانت (مزورة ).
خيارات فريق ترامب كارثية على أمريكا والعالم ، لكن السؤال أين مراكز الدراسات وحكماء العالم لتلافي جنون فريق الدولة العميقة في أمريكا ؛ الذي يتولى دعم وتبني ترامب ، ومعه أقوام يفعلون ما يؤمرون ، في العالم ، صح الفعل أو ساء .
وللفوز أو تعطيل فوز مرشح الحزب الديمقراطي ، فقد ورّط فريق ترامب ؛ أمريكا والعالم في صفقة القرن، بأمل أن يكسب أصوات اليهود الأمريكان ودعمهم المالي لحملته، ولكسب أصوات المسيحيين الأمريكيين الإنجيليين ، الذين يؤمنون بأن قيام إسرائيل الكبرى ضروري لنزول السيد المسيح عليه السلام ، ثم تحشيد الخليج باتجاه التطبيع مع اسرئيل بقيادة نتنياهو، وهو أمر سيعمق الشروخ في المستعمرة الإسرائيلية وينذر بنشوب حرب داخلية .
ومن جهة أخرى ، تعمق الصفقة والتطبيع ؛ الأزمة ضد أمريكا والمستعمرة الإسرائيلية معاً ، وضد الخليج العربي، من قبل محور المقاومة ، ما يشدّ  من أزر هذا المحور وتماسكه وإتساع رقعته الجيوسياسية .
ومن معززات الأزمات  هذه السنة وإن لم يفصل ابو غزالة في هذا الجانب ، إصرار واشنطن على تمديد حصار طهران ، وتمديد منع إمدادها بالسلاح الخ ، وإصرار تركيا على ما تزعم أنه حقوقها في ليبيا وفي شرق المتوسط ، فيما تتحالف قبرص واليونان وفرنسا ومصر والإمارات بمواجهة هذه الأطماع  الغبية ، بينما ستكون العراق وسورية والأردن أقرب إلى هذا المحور .. بمواجهة محور تركيا قطر السودان الصومال  اذربيجان ..

وبتدخل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الشأن البيلاروسي ، ومحاولات حصارها وتخليق ثورة مسخ ليلكية ، تزداد الأزمات العالمية حدة ، ، في مواجهة روسيا الصاعدة ؛ التي لا يمكنها بحال ترك روسيا البيضاء؛ للغرب الأوروبي الجشع .
وهناك أزمات أمريكا مع كل من كوريا الديمقراطية و فنزويلا وكوبا ..وغيرها . وبدابيات تباين مصالحها مع الاتحاد الأوروبي في مجالات أخرى ، وتفكك النيتو.
يغيب عن عالم اليوم؛ دور الحكماء ومراكز الدراسات المستقلة الرصينة؛التي تعقلن التناقضات وتضع البدائل ؛ الأقل سوءا على أقل تقدير، فيما يسود التخطيط السيء والعودة لسلوكيات القرصنة والحروب والإرهاب والتمييز العنصري والإثني والتفكك المجتمعي والفكر التكفيري المتخلف والمذهبي والطائفي والعنصري والإثني في ردّةِ شبه عالمية .. إنها بحق سنة الأزمات والكوارث ، والتي ستمتد غالباً لسنتين أخريين أو 3 سنوات .