طلال أبوغزاله... من أنت ؟!

25 يوليو 2023

غادا فؤاد السمّان – بيروت

أتراها النرجسيّة المفرطة أم حبّ الذات المحتدم في أعماق طلال أبوغزاله، هو الذي صنع طموح ذاك الرجل، ليجتهد على مدار عمر لم يكلّ فيه أو يملّ من الدأب والإجتهاد المتواصل لا ليصير مفكّراً من الدرجة التي يُحسب لتصريحاته فيها ألف حساب وحساب، ولا لمواقفه قبالة جمهور عريض ينتظر من البحر إلى البحر على قدمٍ وساق كطائر البجع ليطلّ "المايسترو " طلال أبوغزاله ويملأ البحيرة بالأحلام الشفافة التي رقصت عليها أجيال وأجيال.

ولا ليصبح رجل أعمال من الطِراز المنافس على مستوى القارّة وماعداها، ولا حتى ليمسي صاحب الكرسي الدائم في الأمم المتّحدة، ولا ليكون صاحب سلسلة شاملة من صروح التعليم الجامعي في عدة بلدان وعواصم ودول، كما يُخيّل لنا نحن المراقبون والمهتمون والمتابعون بشغف وترقّب وتوجّس وريبة ..

إنه طلال أبوغزاله الذي وضع كل النجاح المتوقّع في كفّة، واللامتوقّع تماماً في أخرى.. والتي بتقديري توازي وتغيض وتفيض عن كافّة الإحتمالات المنسوبة إلى حركته المثمرة، وحيويته الدؤوب، حين امتلك الخلطة السريّة للسحر، أو المفتاح الاحتياطي للدهشة..

إنه باختصار لم يعد مجرّد طلال أبوغزاله العارف والدارس والمتميّز والناجح  والمنظّر والمجتهد والطموح.. إنه "الهاجس " بحدّ ذاته.. الهاجس وأعني ما أقول، الهاجس الذي كلّما أدرت شاشة الجوّال أجد اسم طلال أبوغزاله ضوءاً يتربّع فوق خانة ال"أندرويد" بأضعاف، طلال أبوغزاله الذي أجد اسمه على جهاز اللابتوب الذي أّنى وجّهت بصري وجدت حروف اسمه كثالوثٍ أقدس تتربّع في كل زاوية من زوايا الجهاز الواثق الأنيق الخلاب، وعند حافّة كلّ هامش، وفوق كلّ متن”  TAG”   ،  تجد حروف اسمه أيقونة الأيقونات بلا منازع، نعم سيقول قائل وما الجديد لقد اشترى امتيازاً صينيّاً وبدأ في ضخ السوق بالمنتجات الألكترونية التي حمّلها اسمه فانتشرت انتشار العطر في النسيم، حتى صار اسمه بمتناول مختلف الشرائح الإجتماعيّة بشكل أو بآخر، فمن موظّف هنا ومسؤول هناك يحمل أجهزة أبوغزاله الذكيةّ وما بينهما طلاب جميع المراحل من أعلى الصفوف حتى أدناها، في العديد من البلدان العربيّة والغربية كذلك.. 

هل هذا هو كل شيء، من الظلم أن نعتبر أن هذا هو كل شيء، ففي العالم الإفتراضي الرجل الثمانيني الذي استبق أبناء جيله بأجيال وأجيال، يحتلّ حصة الأسد من الأثير، له الصدارة في كل البرامج السريعة والمتوسطة والطويلة، إنه مطمح كل إعلامي يحاول أن يبحث عن امتياز له هنا، وامتياز هناك ليتحدّث بزهو وفخر واعتزاز عبر صفحات الأثير .. معلناً بكل مفاخرة، ترقّبوا الحوار الشامل مع رجل العلم والمعرفة طلال أبوغزاله هذا المساء أو هذا الصباح أو هذه الظهيرة أو في كل حين، ويكاد لا يخلو توقيت، ولا تفرغ شاشة، ولا يكلّ إعلامي، بمطاردة الرجل الذي أصبحت قصصه، وأفكاره، ورؤاه على تكرارها هاجس الجمهور الذي لا يملّ، حتى صديقاتي وأصدقائي في كل مكان، وصدقاً لا أبالغ تارة من بيروت وأخرى من سوريا وغيرهم من الإمارات وسواهم من الكويت الجميع يرسلوا لي روابط لا تنتهي من الإعلام المرئي وإعلام السوشيل ميديا الناشط باسم المؤسسات الصحافية والمنصّات الألكترونية التي تمتلك آلاف المتابعين ولا أغالي إذا ما قلت الملايين أحيانا للبعض منها. 

فهل أصبتُ عندما قلت أن طلال أبوغزاله أضحى هاجساً راسخاً في دوائر الضوء والحدث والحديث، والأهم من هذا وذاك عندما تجد اسم طلال أبوغزاله متصدراً للتريندات على الصفحات اليومية لمحرك البحث الأشهر على الإطلاق " google " 
لا أخفي قبل أن يكون لدي هذا القدر من الإلمام بهذه الشخصيّة كنت أعتقد أن المحيطين به في المجموعة يغالون بالحديث عنه، ولكني لم أكن أتخيّل يوماً أن هواجس أبوغزاله أصبحت تسكنني إن لم أقل أنها تطاردني بشراسة، ولكل الذين اتّهتهم بالمبالغة لدى الحديث عن أبوغزاله، أجد نفسي يوماً تلو الآخر متورّطة أكثر فأكثر في تأمّل هذا الرجل المتّهم بالنرجسية، المتّهم بالطموح المفرط، المتّهم بالنجاحات التي لا تحصى، المتّهم بالبصمات المضيئة، المتّهم بالوطنية الزائدة، بالعروبة، بالقومية، بالنشاط المذهل، بالعمل، بالتجدد، بالأمل، بالثقة، بالطموح، فما أكثر الاتّهامات التي تدين هذا الرجل، رغم جميع مآثره الفاضلة على مرأى وفي مرمى الجميع، فهو قد خالف العرف في مجتمعاتنا العربية، ولم يتقاعد في سنّه المبكّر عند الرابعة والستين، ولم يستسلم للأمراض المزمنة استسلام العجزة والمسنين، ولم يكتئب وينزوي وييأس بانتظار يوم الدين.. يا لمجتمعاتنا البائسة التي ترى في الإيجابيّة المذهلة إدانة، وفي الحياة الإستثنائيّة علّة العلل، وفي الانزواء والتقهقر شرعية واجبة لا بدّ منها، لكل من تجاوز العقد السادس ولم يبقَ في جعبته زوادة طموح، أو كِسرة أمل، إنه طلال أبوغزاله هاجس الهواجس ليس للعالمية التي وصلها وصول الواثق المبهر، بل هاجس الإستمرارية بذات الوتيرة العالية التي عَهِدَها منه الجميع، وهاجس الإضافة من الإبتكار والإبداع ليكون له الأولويّة، والأسبقيّة التي تضمن المنافسة الثابتة ليس أمام العالم المحلي والخارجي أجمع.. بل أمام مراياه التي لم يشبها الغبش في يوم من الأيام لأنه يملك دائما الوضوح في القراءة والرؤية، ولم يطلها الغبار في أي وقت من الأوقات  لأن أبوغزاله لا يعترف بإجازة ولا يقرّ بأي كسل في أي يوم من الأيام.