بالتفوق التقني، والعقيدة، والإيمان، واليقين، انتصرت المقاومة الفلسطينية

04 يونيو 2024

عمان-منصة طلال أبو غزالة للاعلام المعرفي

لم تنتظر فلسطين مساندةً من أحد.. ولم تعقها عن المضيّ قُدُماً لمواجهة العدوّ في سبيل الكرامة والتحرير التبايُنات الهائلة في التأهيل العسكري..

كلّ الحكاية بدأت من "غزّة " مهد الرجال وأرض الأبطال، وأنا لستُ من غزّة كي لا أتّهم بالانحياز، بل من تلك الأرض التي اسمها فلسطين، تلك الأرض التي اختطفها المحتل، وسرق تاريخها الجليل، وسطا على كرومها وبياراتها وزيتونها المقدّس..

أحارُ كيف أتحدّثُ عن فلسطين، بالدمع أم بالدمّ أم بالحبر، وهي التي خاضتْ أقسى أنواع الموت، وخبرت جميع أشكال الفجائع، وحيدةً لم تضنّ بشابٍّ أو بشيخ، بطفلٍ أو برضيع، بامرأة أو بأمّ أو بفتاة..
ثمانية أشهر من المشاهد المفجعة، ثمانية أشهر من عروض الرعب المجانيّة، ثمانية أشهر من الصمت، ثمانية أشهر من الصراخ، ثمانية أشهر من الصبر المرّ العلقم، ثمانية أشهر من الإبتلاء العسير، ثمانية أشهر من الإبادة المهولة، ثمانية أشهر من الخراب المريع...

نعم الدم الفلسطيني الذي يُراق يوميّاً على أرض فلسطين ويروي ترابها، لم يكن رخيصاً كما أُسيء لفهمه الكثير من الظنّ.. الدم الفلسطيني لم يتسرّب إلى العتم كما قُدِّرَ له أن يكون، الدم الفلسطيني أزهر شموساً حارقة ألهبتْ رؤوس الأشهاد من العدو، وامتدّت عبقاً وضوءاً وزخماً عبر أروقة العالم أجمع..

لم يعد العالم الذي يتابع عن بعد، يقوى على احتمال الإثم، لم يعد يرتضي الضلال الذي يمارسه العدو والتضليل، لم يعد محايداً في حرب بدأت بانحيازه إلى العدو وانتهت بإجهازه على نيّة هذا العدو الباطلة.. لقد صحا العالم ليس بفئة أو اثنتين، وليس بعاصمة أو بأخرى، بل على امتداد دول القرار، وعلى مستوى الشوارع والمؤسسات والأكاديميات ومؤخّراً القيادات الكبرى..

نعم على مستوى القيادات وأعنى ما أقول، وما أقوله ليس اعتباطاً أو مزاعمَ أو أمنياتٍ.. بل حقائق مؤكّدة وممهورة بالبيانات والتصريحات والإعلان والإعلام والتوثيق..

إنها إسبانيا التي أعلن "غوتيرش " بَوَاطِنَ انتماءه "العربي " بكثير من الفخر ومزيد من الاعتزاز، وملك إسبانيا الذي لم يطمس في أيّ يوم من الأيام الأثر العربي في تاريخ إسبانيا سواءاً في غرناطة أو في الأندلس وكلتاهما محجّين دائمين لشعوب العالم لكلّ قاصٍ ودانٍ من كلّ حدبٍ وصوب لم يتردّد في إعلان رفضه للسياسة الإسرائيليّة الآثمة، وتضامنه الكامل مع شعب غزّة المناضل في سبيل الحقّ وتقرير المصير..

وليس إسبانيا وحدها التي أعلنت تحيّزها للشعب الفلسطيني المناضل لاسترجاع حقّة وتقرير مصيره، بل اتّخذت "النيروج " ذات الدور وذات الموقف بدعم الحقّ الفلسطيني، بكل ما لديها من سلطة وحضور في الاتّحاد الأوربي.وإيرلندا التي هي غصن من أغصان السياسة البريطانيّة تتحدّى التاريخ ومعاهداته المغرضة، وتعلن انضمامها إلى إسبانيا والنيروج بكامل الجرأة والصراحة والوضوح..

الأمر الذي وضع الإتّحاد الأوربي في حالة حرجٍ، بل في حالة خوفٍ شديدٍ من أن تنتهج بقيّة دول الإتّحاد الأوربي منهج هذه الدعامات الثلاث التي تكفي لمؤازرة القرار الفلسطيني بكل قوّة ومتانة، وقد جعلت من "البرلمان" الفرنسي ينتفض فعلياً، بهمّةِ إثنين من خيرة المتحدّثين فيه وهما "ماتيلدا بانوت " التي قدّمتْ مرافعة بالغة الأهميّة بحق أطفال غزّة، ومعها البرلماني الزميل "سيباستيان دولوغو " الذي رفع العلم الفلسطيني وسط البرلمان، وعندما اعترضت رئيسة البرلمان خرج للعلن ورفع العلم ورقص على أنغام أغنية الشعب الفلسطيني الحرّ "على عهدي على ديني أنا دميّ فلسطيني ".
ولم يكن في هذا الموقف وحيداً عند رصيف البرلمان الفرنسي بل انضمّ إلى جانبه العشرات بل المئات الذين شكّلوا تظاهرة حيّة بدون أي تحضير أو دعوة مسبقة، من قِبَل أيّة جهة بل بدافع شخصي إرضاءاً لضمير الإنسانيّة الحيّة التي تأبى الظلم، وهي التي ترفع بقناعةٍ تامّةٍ راية "حقوق الإنسان ".

هذه التداعيات وغيرها الكثير التي تتصاعد "دراماتيكيّاً "، أعطتْ الضوءَ الأخضرَ للرئيس الأميركي "بايدن " باتّخاذ القرار لمقارعةِ السياسةِ الإسرائيليّةِ المتمثّلةِ بسياسةِ "نتنياهو "، ولأول مرّة يرفع الصوت الرئيس بايدون عالياً في وجه نتنياهو الذي بلغ حدّ الخلاف معه، وهو يقرّ بإعلان الدولة الفلسطينيّة التي باتت وشيكة التأسيس جداً، والأهم أنه أقرّ بضرورة عودة "الغزاويين " إلى قطاع غزّة، والمباشرة بإعمار غزّة وتحرير جميع الأسرى من الطرفين..

نعم إنّها خلاصة ورديّة للمقاومة الفلسطينية الباسلة، التي أوقعت العدو في مستنقعات الدم التي نصبها للفلسطينين وغرق فيها بصورة مأساويّة لم يكن يتخيّلها..
لا شكّ أن للباطل جولة، وللحق ألف جولة وجولة، ولن تتوقّف جولات الحقّ واليقين، حتى يتحرّر بقديري كل شبر من فلسطين، ويتحقّق حقّ ال

عودة للمنتشرين عبر أصقاع الأرض، المهم أنّ المقاومة الباسلة أن تتمسّك بثوابتها، وتضاعف عزمها وعزيمتها، وتفتح أنفاقها على كامل الأرض الفلسطينية بأظافر كل الفلسطينين كيدٍ واحدة، لتهجير العدو قسراً، وإخراجه عن أرض الميعاد المزعوم، واستعادة الاستقلال والاستقرار والانفتاح والإزدهار على المحيط العربي الذي كان فيما مضى مربضاً لكلّ أشكال السياحة والتجارة والودّ المتبادل بحبّ وثقة ويقين.

 طلال أبوغزاله