ظهور مدارس الذكاء الاصطناعي

30 سبتمبر 2024

عمان/ منصة طلال أبوغزالة للاعلام المعرفي 

لعدة قرون، كان اللوح الاسود رمزًا أيقونيًا للتعليم. أتذكر أساتذتي وهم يكتبون الدروس بدقة عليه، بينما كنا نحاول استيعاب ما يُدرَّس بأفضل ما نستطيع. لقد صُمم هذا النموذج التقليدي لحقبة مضت، مع التركيز على الحفظ عن ظهر قلب والاختبارات الموحدة. ومع تطور المجتمع، يجب أن تتطور أنظمتنا التعليمية أيضًا.

طلاب اليوم هم أبناء العصر الرقمي، ينشأون في عالم مشبع بالتكنولوجيا. يتنقلون في متاهة رقمية من المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي والأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. إنهم بحاجة إلى مهارات تتجاوز الحفظ لكي يزدهروا، بما في ذلك التفكير النقدي والإبداع والقدرة على التكيف. لم تعد المعرفة بالذكاء الاصطناعي خيارًا، بل أصبحت ضرورية.

ديمقراطية الذكاء الاصطناعي تعني جعله متاحًا لجميع المتعلمين. يجب على المدرسين تبني الذكاء الاصطناعي، والاعتراف بقدرته على تحسين التعليم والتعلم. كما أن المكتبات التقليدية قد تحولت الآن لتضم المزيد من أجهزة الكمبيوتر مقارنة بالكتب، وتوفر الوصول إلى الإنترنت مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

يلعب أمناء المكتبات دورًا حاسما في تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعد المكتبة مجرد مستودع للمعرفة؛ بل هي بوابة للموارد الرقمية حيث يحضر الطلاب ليتعلموا وينموا.  لم يعد للكتاب المرجعي المغبر على رف المكتبة أهمية كبيرة في تعليم الطالب الحديث الذي يمكنه الرجوع إلى العديد من الكتب في ثوانٍ باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي.

مثال حديث على كيفية استخدام الطلاب للذكاء الاصطناعي، والذي يثير استياء العديد من المدرسين، هذا المثال هو الطلب المتزايد على استخدام ChatGPT خلال العام الدراسي. حيث يلجأ الطلاب إليه للتعلم الإضافي وتعزيز تعليمهم داخل الفصل الدراسي، وغالبًا ما يعرفون المزيد عن التطورات الحديثة في الموضوع أكثر من مدرسيهم لذلك يجب على المدرسين التكيف، والاعتراف بأن الطلاب يستخدمون أنظمة الذكاء الاصطناعي لتعزيز تعليمهم، وبدلاً من معاقبتهم يجب التركيز على إعادة تأهيل أنفسهم لتوظيف الذكاء الاصطناعي بفعالية.

يلعب المدرسون دورًا مهمًا في رحلة الطالب التعليمية ويجب عليهم تطوير مهاراتهم من أجل الحفاظ على قيمتهم في العملية التعليمية. يجب النظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة إضافية في ترسانة المعلم، تمامًا كما جلب الكمبيوتر فرصًا جديدة للابتكار في التعلم عند تقديمه.

لذلك يجب علينا الآن بناء مدارس يكون الذكاء الاصطناعي أساسها. من رياض الأطفال إلى برامج الدكتوراه، يجب دمج الذكاء الاصطناعي في نسيج التعليم. وهنا تخيل أرسطو مدعومًا بالذكاء الاصطناعي، يوجه الطلاب في مواضيع معقدة مثل الفيزياء أو الأدب. يمكن للذكاء الاصطناعي تخصيص تجارب التعلم، وتقديم التغذية الفورية الراجعة، ومساعدة المدرسين في إدارة الفصول المتنوعة.

لقد دعوت إلى زيادة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم طوال مسيرتي المهنية. وبصفتي رئيسًا للمنظمة العربية لضمان الجودة في التعليم، ورئيسًا لمجلس مجتمع المعرفة الأفروآسيوي، وعضوًا في المجلس الاستشاري الدولي في التحالف العالمي، لقد ناديت بديمقراطية التعليم لبناء هيئة دولية قوية من الطلاب الأكفاء الخبراء في الذكاء الاصطناعي.

رسالة التعليم رسالة عظيمة. فهي أساس الحضارة وركيزة تقدم أي مجتمع. إن أي إصلاح من أي نوع يجب أن يبدأ بإصلاح التعليم. التعليم يبني الإنسان، ويزوده بالعلم والمعرفة والحكمة والأخلاق والنزاهة والمسؤولية، ويمكنه من المشاركة في بناء مجتمع سليم وصحي. ومن هذه المجتمعات تنبثق الإدارات الكفؤة والمواطنون الحكماء.

المدارس المجهزة بالذكاء الاصطناعي ليست حلمًا بعيدًا، بل هي بالفعل في طور الإنشاء. إنها حاضرنا ومستقبلنا، ويجب علينا أن نتبنى هذا التحول الجذري، لضمان حصول كل متعلم، سواء في فصل دراسي فعلي أو افتراضي، على الأدوات اللازمة للازدهار في العصر الرقمي. لقد انتهى عصر التعلم عن ظهر قلب، وبدأ عصر التعليم المدعوم بالذكاء الاصطناعي.

طلال أبوغزاله