أمن أنظمة الذكاء الاصطناعي: التداعيات على الأمن القومي

26 يناير 2025
طلال أبوغزاله
أدى الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم إلى تحقيق تقدم كبير وفتح فرص جديدة. ومع ذلك، فإنه يمثل أيضاً مجموعة جديدة من الثغرات والتهديدات، لا سيما فيما يتعلق بالأمن القومي. ومع تزايد تكامل أنظمة الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية الحيوية وآليات الدفاع والعمليات الحكومية، تزداد احتمالية إساءة استخدامه من قبل الجهات الفاعلة الحكومية وغيرها من الكيانات الخبيثة.
هذا كله مقلق جدًا حيث أصبح العالم أكثر خطورة، خاصة مع الاختراق الأخير لأجهزة الاتصالات في لبنان، والذي أدى إلى خسائر مأساوية في الأرواح. إنه من المحتم أن ينتقل مثل هذا التخريب إلى مجالات تكنولوجية أخرى، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. إن مصدر القلق الرئيسي في الذكاء الاصطناعي هو النطاق الذي يمكن أن يتسبب فيه مثل هذه الهجمات من دمار إذا تم اختراقها، نظرًا لزيادة قوة هذه الأنظمة مع تطورها وانتشار تطبيقها في الدوائر الحكومية والعسكرية حول العالم.
ولأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تستخدم بشكل متزايد في الأمن القومي لمهام مثل المراقبة، وتحليل الاستخبارات، وأنظمة الدفاع الذاتية، فإن دمجها هذا يعزز كفاءة وفاعلية هذه العمليات، لكنه أيضًا يُوسع نطاق الهجمات المحتملة للخصوم، حيث أكدت وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) على أهمية تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعي لحماية المصالح الوطنية.
لقد تم تحديد الجهات الفاعلة المرتبطة بالدولة على أنها تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتها السيبرانية، بالإضافة إلى اختراق تلك التي يستخدمها الآخرون، لذلك يمكن أن تكون تأمين هذه الأنظمة مهمة شاقة، خاصة وأن الأنظمة القائمة على التعلم الآلي يمكن أن تكون معقدة وغامضة، مما يجعل من الصعب تحديد الثغرات والتخفيف من حدته فأنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على مجموعات البيانات الكبيرة، التي يمكن استهدافها أيضًا للسرقة أو التلاعب.
لذلك من الضروري أن تعزز الدول بنية الأمن السيبراني الوطنية لديها، وأن تستثمر في أبحاث الذكاء الاصطناعي لتطوير القدرة على تحديد هذه التهديدات والتخفيف من حدتها، بالإضافة إلى توعية صانعي السياسات والجيوش والجمهور حول الذكاء الاصطناعي وآثاره الأمنية لبناء دول أكثر مرونة.

كما يجب أن يكون هناك تعاون دولي وتبادل للمعلومات لمساعدة الدول على الدفاع بشكل جماعي ضد تهديدات الذكاء الاصطناعي، وتطوير أنظمة كشف متقدمة، وتعزيز التعاون بين القطاعين الخاص والعام لبناء آلية دفاع متعددة الطبقات كجزء من استراتيجية شاملة للبقاء في الصدارة أمام التهديدات المتطورة في هذا المجال.
الذكاء الاصطناعي هو الحدود التكنولوجية الجديدة التي يجب أن نسخرها ونضبطها بثقة كاملة لضمان عدم تعرضنا للابتزاز من قبل أي جهات حكومية فاعلة تتطلع لإيذائنا بسبب سذاجتنا تجاه هذه التكنولوجيا.